صِدام الفلسفة والجاز.. عن لقاء جاك دريدا بأورنيت كولمان

 صدام الفلسفة والجَاز: لقاء جاك دريدا وأورنيت كولمان


 بداية اللقاء


في مساء الأول من يوليو/تمّوز 1997، استضاف عازف الجاز الأميركي أورنيت كولمان (1930-2015) الفيلسوف الفرنسي جاك دريدا (1930-2004) في مسرح لا فيليت بباريس. جاء دريدا، الذي كان في نهاية عقده السادس، متأنقًا وشعره يكسوه البياض، ليظهر وسط أجواء من الدهشة والصمت. كان كولمان يكنّ احترامًا كبيرًا للفلسفة، ويعبر عن إعجابه بدريدا، الذي أصبح أحد أبرز الشخصيات الأكاديمية والفنية في أمريكا.

شغف مشترك ومخاوف داخلية


رغم محبة دريدا للجاز، إلا أنه لم يكن مطلعًا بشكلٍ عميق على عالم كولمان. خلال الحدث، شرع دريدا في قراءة نصه الخاص، معبرًا عن عدم معرفته بكولمان بشكل متخصص، مشيرًا إلى أنه يفضل الاستماع ويعتبر الأداء الموسيقي تجربة مختلفة. وعقد الثنائي حوارًا مطولًا قبل العرض، حيث اقترح كولمان أن يشارك دريدا في العرض الأدائي، مما أثار قلقه.

 التصعيد في الأداء


على الرغم من حفاوة التعاون بين فيلسوف وموسيقي، إلا أن ظهور دريدا على المسرح لم يكن هادئًا، إذ قوبل بتصاعد الاحتجاجات من الجمهور مطالباً "الغريب" بالمغادرة. كانت هذه اللحظة تعكس الصراع بين الفن والتفكير الفلسفي، مما دفع دريدا إلى التساؤل حول طبيعة الموقف الذي وضع نفسه فيه.

 فلسفة الارتجال


لم يُخفِ جاك دريدا أبدًا أن دخوله إلى عالم الفلسفة كان عبر الأدب، حيث سعى دائمًا إلى فتح حوارات مع الشعراء والفنانين. من خلال ذلك، أراد تقليل الفجوة بين الفلسفة والفنون. ومع ذلك، ظل متمسكًا بالتقاليد الفلسفية التي ورثها، خصوصًا من إدموند هوسرل، وكان يسعى دائمًا لتأكيد أهميتها.

 الارتجال والتكرار


في عمله "الصوت والظاهرة"، يعبّر دريدا عن مفهوم التكرار كعائق يحجب الحضور الحقيقي، مما يرسخ فكرة تداخل الكتابة مع الزمان، حيث تصبح الكتابة رمزًا للزمنية. هذه الفلسفة تعكس جوهر العلاقة بين الأداء الفلسفي والفني.

عرضه على المسرح


خلال عرض دريدا، لم يستمر في المسرح أكثر من ربع ساعة، قرأ خلالها نصًا خاصًا بعنوان "اللعب – الاسم"، تناول فيه مواضيع مرتبطة بكولمان وعالم الجاز. رغم محاولاته للعب بشكل ارتجالي وإضفاء روح مرحة على العرض، تصاعدت الأصوات في القاعة، مما جعله يترك المسرح دون أن يدافع عنه كولمان.

---



المقال التالي المقال السابق
لا تعليقات
إضافة تعليق
رابط التعليق